الاثنين، 16 يوليو 2012

مسلسل المختار الثقفي!!


بالرغم من إني لم أشاهد المسلسلات الدينية سواء كانت عربية أو غير عربية ، لكن في إحدى الليالي شاهدت حلقة من حلقات المسلسل التاريخي المختار الثقفي ، والمسلسل إيراني الإنتاج والتمثيل ، حتى العرض فهو يعرض في قناة (i film ) والكوثر الإيرانيتين .
المسلسل أخذت حوادثه من كتب التاريخ كـ( مروج الذهب للمسعودي ، وتاريخ الرسل والملوك للطبري ...) ، لكني لم أدهش على الأحداث بقدر ما أدهشني الملبس الذي يرتديه أصحاب المختار ، وكذلك المختار نفسه .
هناك فرق في الملبس بين أصحاب المختار الثقفي أنفسهم وبين أتباع شمر بن ذي الجوشن قاتل الإمام الحسين ( ع ) ، حيث تظهر في لباس أصحاب الأخير حلة عربية ، بينما أصحاب المختار نجد في الملبس الاختلاف واضح ، فترى مجموعة كبيرة من الجند ترتدي الخوذة والدرع الفارسي !! ، وهذا الزي موجود في اللوحات الفارسية القديمة  ، للدلالة على إن أصحاب المختار هم فرس !!
والجدير بالذكر إن رسول جعفريان الباحث الإسلامي المتشدد لفارسيته هو من أعمدة المسلسل حيث اعتمد عليه في مراجعة الأحداث التاريخية ، كما يظهر اسمه في بداية المسلسل !!
ورسول جعفريان هو القائل في كتابه الشيعة في إيران : ((عندما نشبت معركة القادسية , التحق أربعة آلاف من الفرس بالجيش العربي و تأهبوا للحرب تحت قيادة (زهرة بن حوية ) و كانوا يدعون الحمرا ، بيد إنهم اشترطوا لالتحاقهم بالجيش المذكور أن ينزلوا حيث أحبوا, و يحالفوا من أحبوا, و يستأثروا بحصة من الغنائم ، فوافقوا على شروطهم , و اشتركوا في الحرب و بعد تحالفهم مع بعض القبائل العربية , أطلق عليهم : (الموالي ), أي : موالي تلك القبائل كما إن (الحمرا) اسم آخر عرفوا به ولعل الفرس الذين أخذهم العرب إلى العراق والمناطق العربية فيما بعد كانوا يعرفون بالحمرا أيضا.
أما اصطلاح الموالي فكان يطلق عليهم لا محالة يقول ابن منظور: والعرب تسمي الموالي الحمرا)).
وهنا يريد جعفريان بكلامه هذا جعل العجم الموالي فرس ، فقد حاوله مرارا وتكرارا أن يثبت هذا الكلام في كتابه الانف الذكر ، فقد ذكر أيضا : (( فقد كان الموالي الفرس ( لاحظ ) على اتصال بها ( أي التحركات الجارية بين العراق وإيران ) بخاصة ا نهم رأوا فيها امتدادا لحكومة أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فمنوا إن اتجاه هذه العمليات الاستشهادية يقوم على قاعدة لحكومة قد تعدل من (السيادة العربية) إلى حد ما, و تشركهم في الحكم .)) !!
والعرب أطلق على كل من والى قبيلة عربية اسم ( الموالي ) ، والموالي (هم أبناء البلدان المفتوحة ، اعتنقوا الإسلام وقاموا بموالاة قبيلة عربية أو شريف عربي ، وقد شاع هذا الأمر خصوصاً في العراق ، عندما بدأت الأغلبية الساحقة من العراقيين المسيحيين الآراميين ( السريان ) باعتناق الإسلام و( موالاة ) إحدى القبائل العربية أو احد قادة الجيوش الكبار المسلمين والذين أصبحوا بمعظمهم ملاكين للأراضي والقرى العراقية  / الذات الجريحة .
واعترف جفريان بان الإسلام لم يصل للفرس مبكرا ، فقد (( كان إسلامهم يسير بطيئا في العهد الأموي كما نقل إن أهالي كرمان لم يقروا بالإسلام في ذلك العصر نتيجة لسياسة الأمويين )) . فهو يقف مدافعا بحديثه هذا عن الفرس وأهالي كرمان بالذات ،  حيث ينسب اللوم إلى السياسية الأموية العنصرية ، لكنه يجيب عن سبب عدم إقرار الفرس بالإسلام من حيث لا يشعر ، حيث يقول : ((فكيف يمكن أن يكون انعكاس هذا الموقف على معنويات الفرس ؟ فشعب غلب على أمره , وهو يرى نفسه ذا ماض عريق في الحضارة والمدنية , و إذا هو ذليل أمام قوم كان ينظر إليهم نظرة احتقار و ازدرا, فكيف يكون موقفه ؟ و ما هو رد الفعل الذي يمكن أن تتركه هذه الأمور ؟ )) !!!

فلاحظ قوله (( كان بحثنا إلى الآن يحوم حول تشيع الموالي , و هم الفرس الذين وفدوا إلى العراق و تعرفوا على التشيع في ربوعه و كان كثير منهم قد جاء إلى الكوفة , و زاول تدريس الحديث فيها أواخر القرن الأول , و أكثرهم جاء في القرن الثاني و استطاعت الكوفة ـ التي كانت مركز التشيع وقتذاك ـ أن تنشر عقائدها في أوساطهم و عندما عاد عدد كبير منهم ,فانه حمل إلى بلاده العقائد الشيعية )).
فمن خلال النص نستنتج من إن جعفريان يريد أن يقول بان التشيع في إيران قديم ، وان من حمله إلى البلاد عنصر فارسي ، فهو لا يطيق لقوميته إي عنصر آخر ، كما انه يتغافل عن سنية إيران ، والتشيع الحديث فيها عدا مدينة قم التي عرفت التشيع قديما ، ويرجع السبب بذلك إلى الاشاعرة ، كما إنها لم تسكن بفارسي قط .  
فكيف يكون المسلسل إذن ؟

فالمشاهدون في غفلة ، كما غفلوا في مسلسل النبي يوسف ( ع ) الإيراني التمثيل والإنتاج أيضا ، حيث صورا لنا أورا أشبه بالخربة  ، والمجتمع البابلي مجتمع متخلف ، رعاع تسودهم الشعوذة والسحر ، كما إنهم ألبسوهم الزي العربي البدوي ، الذي لا يشبه الزي البابلي في الرسومات القديمة ، فكأن الحضارة لم تطأ ارض الرافدين قط ، خلافا للمصريين.
فلم َ هذا التحريف وتغيير الحقائق ؟   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق